رواية «ويبقى الامل» ... بقلم : الاستاذه هبه عبد الغني عبد المحسن الحلقة الاولى

رواية «ويبقى الامل» ...
بقلم : هبه عبد الغني عبد المحسن
الحلقة الاولى :
فى إحدى قرى محافظة المنيا كان يعمل ابى مزارعاً بسيطاً فى مزارع القصب .. كان يعمل باليومية وكان راتبه رغم قلته إلا انه كان يكفينا انا وابى وامى واخوتى أدهم وازهار ، كان ابى مكافح لايقبل الحرام ابداً مهما ضاقت عليه الدنيا وشح الرزق .. هكذا اخبرتنى امى واخبرتنى انه طالما تمنى ان يرى ادهم مهندساً زراعياً يمتلك اراضى عديدة ، لكن ادهم لم يكن يحب يوماً الزراعة او الأرض ، رغم افتخاره بأبى وجهده .
كما قالت لى امى ... أن أدهم ذات يوم وعد ابى ان يجعله فخوراً به كل هذا وكثير من الأحداث حدثت وانتهت قبل مولدى فعندما حملت امى بى لم تكن تعلم أننى اسمع بكائها لفقدانها ابى العزيز الذى احببته كثيرا وتمنيت أن أراه وتكون لى معه ذكريات ، وكم كنت اشعر بالفضول والشوق لسماع ذكريات ابى مع اسرتى ، وكم كنت احزن بداخلى لأنه لم يرانى ولم اشعر بحضنه الدافئ وقبلاته التى غسلت جبين ازهار وادهم ... أتساءل كم مرة نمت يااختى فى حضن ابى ؟؟ وكم قصص روى لكِ ؟ وكم مرة ذهبتى معه للحقل ؟ وكيف كان يناديكى ؟ كيف كانت ملامحه وهو يبتسم لكِ ؟ كنت اكتم دموعى داخل فراغ صدرى المشتاق لحنان ابى واعترف بالحقيقة اننى لن اراه ابداً .
ولم تكن وفاة ابى هو اخر احزاننا كما قال الناس لأمى ولكنه البداية ... ظلت امى حزينه على فراق ابى ولاتعلم من اين ستنفق علينا حتى اتيت انا لأزيد همها ، ولكن لا أعلم لماذا عندما جئت للدنيا كنت اسمع لصراخى صدى وكأننى اصرخ فى الفراغ ، وكنت دائما ارى صورتى فى المرآة ..
عندما بدأت تعلم الحروف قلت وحدى با با .. ورغم عدم وجود المجيب لهذه الكلمة لكن دائما كنت اسمع صداها ، حنى يوم سمعت صوت صراخى من بعيد رغم اننى لم أكن أصرخ ولكن الصوت كان ينبع من داخلى ويتردد فى الفراغ وكأن أحداً لايسمعه ... حتى سكت تماماً .
تولى عمى الانفاق علينا ، كان متزوجاً ولديه بنتان وولد صغير اسمه ياسر ، هو ايضاً مزارعاً لكنه يملك قيراط ارض يزرعه قصب ، كان بخيلاً لأبعد حد كان يقدس المصلحة عن صلة الرحم ، كثيراً ما ذهبت امى اليه لتستعطفه كى ينفق علينا لكنه لم يفعل ، حاولت امى العمل ولكنها لم تستطع فهى لا تملك شهادة او حرفة ولديها اطفال صغار اكبرهم ادهم تسع سنوات وازهار خمس سنوات ... حتى يوم ...جاء عمى وقال : سأنفق عليكم فأنتم اهلى من لحمى ودمى ولكن ستعيشون فى منزلى . ورغم دهشة امى فكيف سنعيش فى منزل واحد جميعاً ولكنه وافقت ولكنه اشترط بمكران تبيع امى منزل والدى له وكان هذا بالفعل وباعت امى منزلنا بثمن زهيد فلم يكن لديها خيار اخر وحتى يتحملنا عمى بما اخده منا املاً فى ان ينفقه علينا . وذهبنا لمنزل عمى وشعرت من دقات قلب امى الضعيفة الحزينة أنه كان استقبال بارد جارح للكرامة ... نزلت على جبينى دموع امى بينما كانت تحملنى نظرت لها وقلت بعينى اعلم انك حزينة ونادمة لذلك سأبكى معكِ لأقاسمك حزن قلبك .. وشعرت امى بالدموع التى لمعت فى عينى فأخذتنى فى حضنها الدافئ الذى عوضنى الله به عن ابى رغم ضياع الاخرين فى حضن الدنيا البارد ..
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع ......



0 التعليقات:

إرسال تعليق