الملاك الحارس ... بقلم الاستاذه هبه عبدالغنى عبدالمحسن

«الملاك الحارس»

الحلقة الاولي .........
بقلم : هبه عبد الغني عبد المحسن
"ومازالت قطع من قلب الأم متفرقة تئن من الألم.. فلسطين، لبنان، العراق، ليبيا ... تعاني من قسوة وجبروت العدو الطاغي، وكانت مصر في يوم من الأيام تقاسي العدوان الغاشم، حتى عادت سيناء لأحضاننا بأيدي البواسل الشجعان الذين كتبوا النصر بدمائهم وأرواحهم على رمال أرضها، كما كُتبت أسماؤهم من نور يضيئ وينير لمصر طريق التقدم والازدهار حتى اليوم ولآخر الزمان.. ولكن السؤال الذي أطرحه لكل عربى متى سنقضى على هذا العدو إلى الأبد ونخرجه من أراضينا العربية بأكملها؟ وكيف سنمنع حدوث المذابح والمجازر الإسرائيلية في بلادنا العربية ؟ .. هكذا أنهت "آية" مقالتها وذهبت بها إلى مكتب المحرر، ورغم أن زملاءها وجدوا المقالة إلى حدٍ ما غير ملائمة، فجميع المقالات تتحدث عن انتصار (1973)، وذلك لأن غدًا هو السادس من أكتوبر لعام الفين ميلادياً والجميع سيحتفل بالانتصارات وما ترتب على هذا الانتصار، ولكن "آية" في داخل قلبها حزن لم تحاول الهرب منه، فهذا اليوم بداخلها هو تاريخ وفاة أخيها الأكبر في ساحة الحرب، رُغم أنه ترك لنفسه ذكرى صورة طبق الأصل منه وهو أخوه التوأم، الذي حارب معه ورأى موت أخيه أمام عينيه فزاده إصرارًا على محاربة العدو بكل قوته لينتقم لأخيه..
كانا ضابطين في الجيش المصرى ولكن "حازم" ظل يحارب ولم يترك الجيش إلا بعد عودة طابا لمصر. عندها قدم استقالته وعمل في مكتبة والده لبيع الكتب الدينية.. فلم يرتح قلبه إلا بعد خروج آخر يهودي إسرائيلي من أرض مصر بعد ما ترك العمل في الجيش وتفرغ للعبادة والقراءة فقط .
أما والداها فمازالت تلاحقهما الذكريات والألم خاصة أنهما دائمًا يريان صورة "ياسر" في "حازم" أمام أعينهما، كانا معًا دائمًا منذ مولدهما يحبان بعضهما بشدة، لم يتفرقا إلا بالموت، كانت الأم تدعو في كل مرة يخرجان فيها لساحة القتال أن يعودا سالمين، وكان الجميع يسعد عندما يعودان معًا ويذهبان معًا، فهما توأمان ولكنهما في قلب الأم والأب كياناً واحدًا ، فكيف يتحملان أن يُرى نصف الصورة فقط.. نصف القلب فقط .. تأثرت "آية" كثيرًا بكل ما حولها رغم صغر سنها في ذلك الوقت، فكانت طفلة ولكن نظرات الحزن في عيني والديها وأخيها كانت كفيلة بأن تكبر "آية" وفي داخلها كره عميق لمن قتلوا أخاها، وقتلوا الفرح في أسرتها؛ لذلك عندما أصبحت صحفية كانت دائمًا تعادي إسرائيل وتهاجمها بكل جراءة دون أي خوف.. رغم أن بداخل قلبها حب ورقة لم يكن يراها إلا زميلها "خالد" الصحفي بنفس الجريدة، وقد حذرها كثيرًا من جرأتها لكنها لم تكن تخشى شيئًا..
تأخر الوقت ولكن "آية" لم تذهب للمنزل إلا بعد أن أطمئنت على العمل وعلى صفحتها التي ستصدر غدًا .
عادت للمنزل .. وكانت والدتها مازالت تنتظرها للاطمئنان عليها ولتحضر لها العشاء، أما والدها فقد نام مبكرًا، وبعد تناولها للعشاء ذهبت لتنام في غرفتها لكنها وجدت غرفة "حازم" مضاءه ، طرقت الباب ودخلت.. وجدته يجلس على مكتبه شارد الذهن مُمسك بصورة أخيه وينظر لها بعيون تترقرق بالدموع وحوله النياشين والأوسمة التي حصل عليها مع ياسر ، كانت فقط ذكرياته السعيدة ، اقتربت منه "آية" رغم عدم شعوره بها، وأمسكت بيديه المحتضنة للصورة
قالت: أمازلت تتذكر يا أخي ..؟
فرفع عينيه بثبات وقال: ولن أنسى.. سقطت الدموع من عينيه غدرًا فبللت لحيته...
قالت: غدًا يوم التكريم .. لابد أن تستعد فالاحتفال في السادسة مساءًا..
مسح دموعه و قال: حسنًا أنا مستعد بالفعل.. ابتسم محاولاً مداراة أحزانه وأكمل .. وأتشوق لقراءة مقالكِ غدًا..
قالت آية: إنه لا يُعجب زملائي لأنني لم أتحدث فيه عن حرب (73) بشكل مباشر وكما تستحق ولكن تحدثت عن مجازر إسرائيل الأخيرة، وصمت العرب تجاه ما يحدث في أراضيهم.
قام "حازم" من مكتبه وهو صامت ....
قال : أولاً لا تقولي حرب ولكن قولي نصر أما ما كتبتيه فهو صحيح أيضًا أن نُذكّر العرب بانتصارنا وانتصار العرب أجمعين لحثهم على مواجهة إسرائيل، فلقد انتصرنا عليها قبل ذلك.. فلماذا نتركها تذبح أطفال ونساء المسلمين فتفكيرك عميق وصائب
سعدت "آية" وقالت: لقد فهمت ما بداخلي أكثر من نفسي .
نظر في ساعته وقال: لقد تأخرتِ عليكِ الذهاب للنوم الآن فأمامنا يوم طويل وشاق غدًا..


 بقلم 

هبه عبدالغنى عبدالمحسن





0 التعليقات:

إرسال تعليق