الحقيبه ,, بقلم الأستاذ,,,بن عمارة مصطفى خالد.





قصة قصيرة بعنوان:(((الــحــقــيــبــة)))


لم يكن بقادر على مسايرة أهوال الحياة و وحش الفاقة ينهش بأنيابه لحمه و لحم أولاده كلما شاء إلى ذلك سبيلا،

فلقد ضرب كل مضرب بهذه الأرض لم يعثر بها على خشاش يملأ البطون أو حبة خردل تعيد حبور الوجوه العابسة

،لم يعد باستطاعته العمل و صحته تخبو حاملا على كاهله خمس عقود من الزمان و أحمال البؤس تَجَعَدَ لها أديم الوجه

 راسما أثلاما تخبرك عن عبرات مرت من هنا،صادق:أب لتوأم:خالد و أحمد يرتعان بأرض عمرهما السادسة،

كانا يدرسان بمدرسة داخلية بنفقة الصدقات و لكن أيام راحتهما كانت أيام تعبهما و حزنهما فمبيتهما على الطوى أنهكهما

 و فقرهما أزال عنهما لذة الكرى نحلت أجسادهما فتراهما إن صادفتهما كأشباح ماثلة ظهر منهما العظم و شحب الإيهاب 

و صارا عنوانا للفاقة و الحرمان.
مرت الأيام تركلهم و تذيب أجسادهم و لا تجدهم إلا و هم صابرون و أكفهم تناجي السماء لعلها تغدق عليهم بودق يغسل فقرهم


 فإيمانهم كان أكبر من ضعفهم و من كل نصب أصابهم،لذا فلا تراهم إلا و هم منتظرون سعادة آتية و حلما سيتحقق لا محالة.ذات

 يوم و صادق يمشط الطرقات باحثا عن قوت لا يجيء،عثر على حقيبة متكئة على جدران قديم،فحملها و هو متعجب ينظر يمنة 

و يسرة لعله يجد صاحبها لكنه عبثا حاول فالدرب كان خاليا،فحملها و هم راجعا إلى بيته كأنه السارق فدخل و أغلق الباب بإحكام 

و راح ينظر إلى هذه الحقيبة،و بدأت الأسئلة تنزل عليه كالوحي:ماذا يوجد داخلها يا ترى؟جسها بيده فإذا بها بكماء،لمن تكون يا 

ترى؟أيوجد بها أوراق؟أم نقود؟هل أفتحها؟أم ماذا أفعل؟فبدأ الفضول يأكله،يجب أن أفتحها علي أجد ورقة ما بها اسم صاحبها،

ففعل و لكنه أغلقها بسرعة دهشا،يا إلهي أكل هذه نقود؟؟؟فرمى الحقيبة بعيدا خوفا من أن تعصيه يده و تدخل لتغرف منها غرفة من 

هذا الشهد و بدأ يمشي بغرفته رواحا و غدوا بغير هدى لا يعرف ما هو فاعل،و الشيطان يمرر صورة المال أمام عينيه ليغريه

 بأخذها و لكنه كان صلبا كالصخر شديدا كالأسد،فقرر الذهاب إلى المسجد ليعرض الأمر على الإمام.
حين انتهاء صلاة الفجر،تقدم صادق إلى الإمام وأهداه سره،فقال له الإمام:سأخطب هذه الجمعة في الناس و سأسأل عن صاحبها فإن


 لم يظهر فلا يحل عليك أن تأخذ من هذا المال شيئا حتى و لو كنت في خصاصة من أمرك إلا إذا حال عليها الحول و لم تجد 

صاحبها فكل منها هنيئا مريئا حلالا طيبا.فهذا امتحان من ربك عليك أن تجتازه منتصرا،فرد صادق:و يا له من امتحان عسير.

و كان عسيرا فعلا،إذ كلما طرق الباب ارتعدت فرائصه خائفا من ظهور صاحب هذه الغنيمة التي اغتنمها دون تعب و لكنه سرعان

 ما يتنهد بإيجاد طارقه واحدا من توأمه أو أحد أصدقائهما المقربين،و كم عانى و هو يغير مكان المال من جهة إلى أخرى مرعبا

 بحلم لص تسلل إلى بيته و عرف مكان المال،و مرت السنة بسلام على بيت صادق،و أصبح كل هذا المال ماله،

فراعه منظره و لم يجد عن عسر تفكيره مصرفا و صدح يقول:أنى يرتاح المرء في هذه الحياة؟؟؟فقيرا تعبت،

و غنيا عانيت.
*بقلم الكاتب:بن عمارة مصطفى خالد.

0 التعليقات:

إرسال تعليق