جذور ثقافيه,, بقلم الأستاذ.. يحيى محمد





 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية"
يكتبها: يحيى محمد سمونة
في اليوم التالي و عند الاجتماع الصباحي و على مرأى و مسمع من طلبة المعسكر و السادة الضباط تمت المنادات باسمي كي أمثل أمام قائد المعسكر الملازم أول [م.ع. السمان]كي أبرر له سبب غيابي يوم أمس
و لست أدري كيف لم أبتل يومها، و كتعبير عن حيوية الطلبة و نشاطهم كان علي أن أهرول مسرعا للمثول أمام الضابط و إلا !! و بالفعل كلمح البرق وقفت أرتجف أمامه، و من غير مراعاة لحالتي هذه! و بطريقة ضابط في واحدة من جيوش العالم الثالث سألني بتهكم عن سبب غيابي بعد أن ألحق سؤاله ببضعة ألفاظ نابية عبرت عن حقيقته كواحد من منتسبي القوات المسلحة! و طبعا بحكم هول الموقف بالنسبة لي شخصيا رأيتني و قد شلت حركة لساني و ما من جواب لدي ... فما كان من الرجل إلا أن صفعني صفعة دوت معها أرجاء قلعة حلب التي كنا جميعا معشر الطلبة و الضباط فوق ظهرها، ثم أتبع ذلك بكلمة [انقلع]، فما لبثت أن هرولت إلى مكاني في الصف من غير أن يغمى علي و من غير أن أشهق بالبكاء! و إن كانت اللطمة قد حفرت في نفسي أخدودا لا تزال ذكراه ماثلة أمام عيني رغم عقود من الزمن قد مرت عليها [كنت يومها ابن سبعة عشر ربيعا و أنا اليوم أقف على عتبة الستين من عمري]
لكنها قد تولدت عندي جراء تلك الحادثة حالة إيجابية جيدة و رؤية واضحة فيما يجب علي التعامل به مع فتى يافع على درجة كبيرة من الحساسية و الحذر، بحيث لا أترك في نفسه خدوشا و آثار جريمة كتلك التي تلقيتها من ذلكم الضابط، و لعلي حين أكون مربيا أن أتجنب معالجة الأمور بطريقة فظة و وحشية تحول دون صناعة رجال أسوياء يقفون بقوة و ثبات إزاء كل الظروف و عند كل خطب
و يحضرني هنا قصة طريفة ذكرها لي صديقي أسامة يوم كنا طلابا و كان صديقي هذا مفرطا في الحساسية و الذكاء، و قد ذكر قصته تلك و هو يعبر عن امتعاضه الشديد و تأثره بما جرى معه! قال: صعدنا الحافلة [الباص] أنا وجدي و دفع جدي عن نفسه و لم يدفع عني إجرة ركوب باعتباري صغيرا حسب زعمه، لكن الجابي أبى إلا أن يدفع جدي عني فدفع له مرغما ثم التفت الي جدي و قال: [حسبوك علينا رجال .. يا ولد] قال صديقي و لقد رأيتني تمنيت لو ابتلعتني الأرض عندها ولا اسمع هذه الكلمة بين ركاب[الباص]
و بعد فترة ليست ببعيدة من حادثتي تلك كنت أسمع من بعض أصحاب الأيدلوجيات و ممن اشتغل في السياسة عن رفضه و

ــ يحيى محمد سمونة.حلب ــ

0 التعليقات:

إرسال تعليق