قصة قصيرة بقلم محمد على عاشور
هدية عيد الميلاد
عندما توفت زوجته وجاءت ذكرى مولدها ،ترك طفلته الرضيعة فى حجر والدته ، وترك ولديه الصغيرين أصحاب الخمس سنوات والثلاث سنوات مع جدهما يحكى لهما حكاياته المعتادة .
دخل الحجرة ثم جلس على الأرض مستقبلاً صورة زوجته المعلقة على الحائط ، واضعاً المصحف أمامه ليقرأ القرآن فى عيد ميلادها ، وبين الفينة والأخرى يرفع عينيه وفيهما الدموع فيجففها بكمه ثم يعاود القراءة حتى يغالبه النعاس .
بعد خمس سنوات فى الميعاد نفسه يدخل الغرفة ويجلس مستقبلاً الصورة وأمامه المصحف وعلى يمينه الولد الأكبر وعلى يساره الولد الأصغر ، يقرأ كل فى مصحفه ، والفتاة الصغيرة تحتضن والدها من الخلف وتلعب بأصابعها فى شعره ، وعندما تراهم لا يتكلمون ، إلا من صوت التمتمة تسأله فى استغراب : ماذا تفعلون يا أبى ؟
أجابها بعد أن صدق : نعطى أمك هدية عيد ميلادها .
الفتاة : أريد أن أعطى أمى أنا أيضاً هدية .
الأب : عندما تكبرين ستعطين والداتك هدايا كثيرة ، ثم يتابع القراءة وقد جلست بجوارهم ترقبهم .
بعد عام يجلسون الأربعة ، الأب والابنان يمسكان المصاحف والفتاة بجوارهم ترفع يدها إلى السماء وهى تتعتع بالفاتحة .
بعد عشرة أعوام أمسك كل منهم بمصحف ، وقد اقترب وجه الأب من مصحفه وعلى عينيه نظارة سميكة يستوضح بها الأحرف الكبيرة .
والأن وبعد ثلاثين عاماً امتلأت الحجرة فى دائرة كبيرة برجلين وأمرأة وأبنائهم يجتمعون مرتين فى العام لإعطاء الأب الذى علقت صورته بجوار الأم هدايا عيد الميلاد
0 التعليقات:
إرسال تعليق