بذرة زهرة
***********
حكاية اليوم عن بطلة لا نعرفها ... في البداية لم يرق لها ان اكتب عنها .... و لكنني اكتب قصتي عنها عنوة فصمت الأقلام لا يحتمل ... و الأمانة لا بد ان تشرق أنوار حروفها و لو نزفت القلوب حزنا على ذكريات أليمة....
ها هي الأحداث تتسارع في جنبات روحها و تخرج من عيونها كومضات أو همسات ... لا لا لا ... هي نقاط سوداء تقذفها مخيلة بحر عميق و ترسم صفحات مطرزة كلوحات معلقة في أقبية التاريخ.
حكايتنا كانت حقول الجمال منبع حروفها, حيث تنبت في كل يوم ألف زهرة و لكل زهرة عطرها المميز و لونها المختلف الرائع, نعم هي حقول تحيط بها التلال, ضلوع الصدر تحمي القلب الحنون.
و يبقى الامل دائما مغناطيسا يجذب كل القلوب الحاقدة نحوه, و هذا هو حال حقولنا, حقول الجمال.
غربان الظلام تنتشر في كل مكان و ترسل نعيقها ضجيجا يغتال عذب خرير الماء, يصارع زقزقة العصافير ... ينسل خيط المطرزة .... يقتل الزهرات و يمحي اللوحات و يبقى العتمة تخيم في الأقبية.
ماتت الاحلام, احترقت الزهرات بلهيب الحقد, تناثر رماد الأمل في كل مكان, يصعب النظر و الغربان تحتفل, فها هو آخر معقل للجمال قد قتل. كل الغد قد مات الا بذرة تمردت تماسكت وحاولت الهرب, تعلقت ذيل نسمة خائفة تلاحق بقايا نور تحاول عبثا البقاء على قيد الحياة.
نزفت النسمة آخر أرواحها و سقطت عند اقدام غيمة, بذرتنا الهاربة تمسكت بجنون الغيمة الغاضبة و تاهت في رحمها حتى احتضنتها قطرة من مطر.
غيمة متلبدة هائجة في داخلها المشاعر تتصارع أقطاب أفكارها و رسل برقها ورعدها تنذر بانفجار عصفها, و كأنها الجبروت في عيون عاشقة خانها معشوقها. يا لضعفها ..... تصور لنا القوة و هي اضعف من ان تعرف مستقرها او أين ستلد طفلها ذاك المسمى بالمطر.
عصف الريح, متكبرا يتلاعب بالغيمة يجوب الأرض مختالا, يسوقها بلا إذنها يلاعبها يتعبها عشقا .....فلا عهد له ... يلقي بطفلها عندما تلطمه الجبال في صحراء لا يسكنها إلا الحجر لاخوف عليه و هم .... يلقيه هكذا و يترك أمره لرب القدر.
و القي بالمطر و قطراته تحمل بذرتنا ... تناثرت في كل مكان عانقت الصخر و الحجر و دفنت بذرتنا في شق صغير ... اختنقت حتى كادت ان تموت .... خافت وارتعبت من سواد العتمة و صفير البرد .... حتى لامست قلب البذرة قطرات من المطر تنشد روح فتسكنها ... عشقت البذرة الماء و انتشت روحها و انتفخت محملة بجذور لم تعرف الما و لم تعش حزنا و لم يسلب بسمتها الخوف.... و لكنها محملة بقوة لاتعرف كيف ورثتها ... قوة تنمو بها .. تصارع شق الصخرة تحفر فيها ترسي وجودها في أرضها من جديد و في ظل ظروفها الجديدة.
بذرتنا انجبت فوق الصخرة زهرة و في باطن الصخرة أرسلت جذورها عميقة حتى وصلت إلى بحر التاريخ ترتوي منه القيم و الحكم و ترسلها ومضات جمال إلى الزهرة.
و الزهرة أصبحت ازهارا و تحملهم الصخرة ..... اشرقت الشمس و حقل الجمال يعاود الكره يبتسم يشرق يغني ... و تشدو بحبه عصافير الحب من جديد. ... من جديد تعود الحياة بأروع اشكالها و اجمل عطورها و أرقى ثيابها.
هي إذا بذرة انجبت زهرة في شق صخرة ..... بذرة الامل.
*************************
جاد عبدالله
0 التعليقات:
إرسال تعليق